فصل: بداية أمر بني بويه.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خبر مرداويج مع ابن سامان على جرجان.

كان أبو بكر المظفر صاحب جيوش ابن سامان بخراسان قد غلب على جرجان وانتزعها من ملكه مرداويج فلما فرغ مرداويج من أمر خوزستان والأهواز رجع إلى الري وسار منها إلى جرجان فخرج ابن المظفر عن جرجان إلى نيسابور وبها يومئذ السعيد نصر بن سامان فسار لمدافعة مرداويج عن جرجان وكاتب محمد بن عبد الله البلغمي من قواد ابن سامان مطرف بن محمد وزير مرداويج واستماله وشعر بذلك فقتل وزيره وبعث إليه البلغمي يعذله في قصد جرجان ويطوق ذلك بالوزير مطرف ويذكره حقوق السعيد بن سامان قبله وقصور قدرته عنه ويشير عليه بالنزول له عن جرجان وتقرير المال عليه بالري فقبل مرداويج إشارته وعاد عن جرجان وانتظم الحال بينهما.

.بداية أمر بني بويه.

وكانوا إخوة ثلاثة أكبرهم عماد الدولة أبو الحسن علي وركن الدولة الحسن ومعز الدولة أبو الحسن أحمد لقبهم: بهذه الألقاب الخلفاء عندما ملكوا الأعمال وقلدوهم إياها على ما نذكر بعد وهم الذين تولوا حجر الخلفاء بعد ذلك ببغداد كما يأتي وأبوهم أبو شجاع بويه بن قناخس وللناس في نسبهم خلاف فأبو نصر بن ماكولا ينسبهم إلى كوهي بن شيرزيك الأصغر ابن شيركوه بن شيرزيك الأكبر ابن سران شاه بن سيرقند بن سيسانشاه بن سير بن فيروز بن شروزيل بن سنساد بن هراهم جور وبقية النسب مذكور في ملوك الفرس وابن مسكويه قال: يزعمون أنهم من ولد يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس والحق أن هذا النسب مصنوع تقرب إليهم به من لا يعرف طباخ الأنساب في الوجود ولو كان نسبهم ذا خلل في الديلم لم تكن لهم تلك الرياسة عليهم وإن كانت الأنساب قد تتغير وتخفى وتنتقل من شعب إلى شعب ومن قوم إلى قوم فإنما هو بطول الأعصار وتناقل الأجيال واندراس الأزمان والأحقاب وأما هؤلاء فلم يكن بينهم وبين يزدجرد وانقطاع الملك بن الفرس إلا ثلثمائة سنة فيها سبعة أجيال أو ثمانية أجيال ميزت فيها أنسابهم وأحصيت أعقابهم فكيف يدرك مثل هذه الأنساب الخفاء في مثل هذه الإعصار وإن قلنا كان نسبهم إلى الفرس ظاهرا منع ذلك من رياستهم على الديلم فلا شك في هذه التقادير في ضعة هذا النسب والله أعلم وأما بدايتهم فإنهم كانوا من أوسط الديلم نسبا وحالا وفي أخبارهم أن أباهم أبا شجاع كان فقيرا وأنه رأى في منامه أنه يبول فخرج من ذكره نار عظيمة فاستضاءت الدنيا بها فاستطالت وارتفعت إلى السماء ثم افترقت ثلاث شعب ومن كل شعب عدة شعب فاستضاءت الدنيا بها والناس خاضعون لتلك النيران وإن عابرا عبر له الرؤيا بأنه يكون له ثلاثة أولاد يملكون الأرض ويعلو ذكرهم في الآفاق كما علت النار ويولد لهم ملوك بقدر الشعب وأن أبا شجاع استبعد ذلك واستنكره لما كانوا عليه من توسط الحال في المعيشة فرجع المعبر إلى السؤال عن وقت مواليدهم فأخبروه بها وكان منجما فعدل طوالعهم وقضى لهم جميعا فوعدوه وانصرف ولما خرج قواد الديلم لملك البلاد وانتشروا في الأعمال مثل ليلى وماكان وأسفار ومرداويج خرج مع كل واحد منهم جموع من الديلم رؤوس وأتباع وخرج بنو أبي شجاع هؤلاء في جملة قواد ماكان فلما اضطرب أمره وغلبه مرداويج عن طبرستان وجرجان مرة بعد مرة لحق آخرا بنيسابور مهزوما فاعتزم بنو بويه على فراقه واستأذنوه في ذلك وقالوا إنما نفارقك تخفيفا عليك فإذا صلح أمرك عدنا إليك وساروا إلى مرداويج وتبعتهم جماعة من قواد ماكان فقبلهم مرداويج وقلد كل واحد منهم ناحية من نواحي الجبل وقلد علي بن بويه كرمس وكتب لهم العهود بذلك وساروا إلى الري وبها يومئذ أخوه وشمكير ومعه وزيره الحسين بن محمد العميد والد أبي الفضل ثم بدا لمرداويج في ولاية هؤلاء القواد المستأمنة فكتب إلى أخيه وشمكير ووزيره العميد بردهم عن تلك الأعمال وكان علي بن بويه قد أسلف عند العميد يدا في بغلة فارهة عرضها للبيع واستامها العميد فوهبها له فرعى له العميد هذه الوسيلة فلما قرأ كتاب مرداويج دس إلى ابن بويه بأن يغذ السير إلى عمله فسار من حينه وغدا وشمكير على بقية القواد فاستعاد العهود من أيديهم وأمر ابن بوبه فأشار عليه أصحابه بترك ذلك لما فيه من الفتنة فتركه.

.ولاية عماد الدولة بن بوبه على كرج وأصفهان.

ولما وصل عماد الدولة إلى كرج ضبط أمورها وأحسن السياسة في أهلها وأعمالها وقتل جماعة من الخرمية كانوا فيها وفتح قلاعهم وأصاب فيها ذخائر كثيرة فانفقها في جنده فشاع ذكره وحمدت سيرته وكتب أهل الناحية إلى مرداويج بالنبأ فغص وجاء من طبرستان إلى الري وأطلق مالا لجماعة من قواده على كرج فاستمالهم عماد الدولة وأحسن إليهم فأقاموا عنده واستراب مرداويج فكتب إلى عماد الدولة في استدعائهم فدافعه وحذرهم منه فحذروا ثم استأمن إليه سيراذ من أعيان قواد مرداويج فكثف به جمعه وسار إلى أصفهان وبها المظفر بن ياقوت من قبل القاهر في عشرة آلاف مقاتل وعلى خراجها أبو علي بن رستم فاستأذنهما في الانحياز إليهما والدخول في طاعة الخليفة فأعرضا عنه ومات خلال ذلك ابن رستم وبرز ابن ياقوت من أصفهان لمدافعته واستأمن إليه من كان مع ابن ياقوت من الجيل والديلم ثم لقيه عماد الدولة في تسعمائة فهزمه وملك أصفهان.